الإهمال بين الزوجين؟ هل هو تقليد اجتماعي أم مرض نفسي
إن الإهمال بين الزوج وزوجته قد يكون مرضاً نفسياً أو تقليداً اجتماعياً.. وعن مدى درجة الإهمال المسموح به وغير المسموح به، وحول كيفية مساعدة الزوجين لوقف الإهمال فيما بينهما وتجاه أسرتهما وأولادهما، كان لنا هذا الحديث مع د.عبدالكريم الفايز- الأستاذ المشارك في برنامج العمل الاجتماعي في الجامعة الأردنية.
الشعور بالاغتراب والتذمر
: ما هو الإهمال بين الزوجين؟
يمكن تعريف الإهمال بأنه عدم إعطاء جزء كافٍ من وقت الزوج لزوجته أو العكس، مما يتسبب غالباً في تكريس حالة الشعور بالاغتراب والتذمر وعدم الرضى.
: هل الإهمال مرض نفسي أم تقليد اجتماعي؟
يحُكم غالبية الرجال ومؤسسات الحكم في المجتمع العربي المركب السلطوي العام الذي يطلب من الآخرين وبخاصة الزوجة والأولاد الطاعة العمياء في معظم الحالات، وكل هذا يأتي على حساب وقت الزوجة والأسرة حيث يقضي الزوج معظم وقته واهتمامه وعلاقاته خارج البيت، وصباحاً يذهب للمكتب ومساءً يُدعي لحفل عشاء أو قد يقضي وقته في ممارسة رياضة ما للمحافظة على اللياقة إلى غير ذلك من النشاطات التي تأخذ جُلّ وقت الزوج، في حين تقبع الزوجة في المنزل غاضبة متذمرة بعد فراغها من أعمال المنزل ورعاية الأولاد، إن إهمال الزوج لزوجته ليس بمرض نفسي، بل هو تقليد اجتماعي أساسه أوضاع اجتماعية قائمة ومستمرة ولكنه في حال اقتران الإهمال بالعنف أو الإذلال المتعمد تجاه الزوجة، فهنا يغلب التفسير السيكولوجي المرضي للإهمال على التفسير الاجتماعي.
حدود الإهمال
: هناك إهمال مسموح به بين الأزواج، ما هو وما حدوده ومتى يُصبح غير مسموح به؟!
من الأزواج من ينشغل عن زوجته في بناء الأسرة وتوفير مقومات الحياة الكريمة والرفاه أو لطبيعة العمل أو أسباب أخرى متعددة، فلا ضير من انشغال الزوج عن الزوجة في حال بناء البيت مثلاً ما دام هذا البيت سيجمعهما معاً، ويوطد أواصر المحبة بينهما، كما أنه قد ينشغل عنها بطبيعة عمله، ولكن هذا التقصير والإهمال يُصبح غير مقبول، وغير مسموح به في ضوء ممارسته وتكراره وبخاصة إذا لم يقف وراءه مبررات كافية رغم هشاشتها على أية حال.
معالجات الزوج المهمل
: كيف يتسنى مساعدة الزوج المهمل والمقصّر في حق زوجته بوقف مسلسل الإهمال؟!
ضمن معالجات الزوج لتقصيره مع زوجته وإهماله لها نراه يلجأ إلى معالجات أساسها الرحمة وليس العدالة، أي الرحمة بالزوجة وليس العدل معها والمساواة، كأن يلجأ إلى تقديم هدية ما بين الحين والآخر لكسب رضاها وامتصاص غضبها ونقمتها، وعليه فإنه لابد من أن يعرف الزوج أن الزوجة هي شريكة في الحياة الزوجية وليست مجرد امرأة تشبع حاجاته، وتقوم بترتيب البيت ورعاية الأبناء، فضلاً عن الابتعاد ما أمكن عن الفرديّة والأنانية بإلقاء اللوم على الآخرين.
إهمال الزوجة
: كما يهمل الزوج زوجته كذلك قد تهمل الزوجة زوجها كيف يمكن مساعدة هؤلاء الزوجات في وقف مسلسل الإهمال والتمادي فيه؟!
إن تثقيف المرأة في تنشئة الطفل وكيفية تلبية حاجاته وتحديداً الحاجات الغذائية وما يتبعها من حاجات عاطفية، كل هذا يمكّنها من اختزال الوقت وتنظيمه وبذا يصبح لديها الوقت الكافي للترفيه عن الأطفال وعن النفس ووقت خاص للزوج، أما بالنسبة للأطفال الرضع فيكفي الأم تعويد الرضيع على الانتظام في وجبات الطعام، مع مراعاة المباعدة بين المواليد، بتحقيق ذلك كله يتأتى للزوجة التفرغ لزوجها المحب ومنحه الاهتمام اللائق به.
الثقة هي السبيل إلى توازن الحياة الزوجية
: ماذا يُفترض بالزوج الذي تُفرط زوجته في الاهتمام به أن يعمل ليعيدها إلى جادة التوازن؟
لابد من تعميق الثقة في أول مراحل الحياة الزوجية، إضافة إلى الحب فغالباً ما تُصبح الأمور الأخرى ثانوية، ولكن بالرغم من أن الواقع مليء بالمستجدات التي قد تنحى بالزوجة أو الزوج إلى طريق المغالاة في الاهتمام، إلا أن السعي برشد وعقلانية في محاولة استيعاب ما يمر به الطرف الآخر واحتوائه وتقديم بعض التنازلات والحوافز، هي وحدها الطرق المثلى لرد الآخر إلى جادة الصواب، والإنسان الذي يتحلى بالصدق والأمل يمكنه أن يتخطى أحلك الظروف.
تحياتي للجميع